الخميس، 5 مايو 2011

لكنه لم يكن ينتوي ( لا فرعون ولا هامان )

لكنه لم يكن ينتوى
كتبه : حسن الزوام
لكنه لم يكن ينتوى فى العاشر من فبراير الماضى .. وبينما كان ميدان التحرير فائرا بملايين الثوار الغاضبين المطالبين بالحرية والعدالة والكرامة .. وإسقاط النظام .. أعلن الرئيس السابق بلغة عفا عليها الزمن، ومفردات لم تستخدم منذ عصر المعلقات أنه "لم يكن ينتوى الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة" ظنا منه أن مجرد الإعلان عن نيته تلك سيكون كافيا ليقطع المصريون ثورتهم وينسون شهداءهم الذين قتلوا مع سبق الإصرار والترصد، ويعودون الى بيوتهم على أمل أن يصحو يوما ما بعد انتهاء فترته الرئاسية وتكون مصر بدون مبارك
ولكن فى السابع والعشرين من إبريل نشرت الصحف من أقوال المتهم جمال مبارك المحبوس على ذمة التحقيق فى قضايا فساد مالى وسياسى واستغلال نفوذ أنه كان "ينوى" الترشح لرئاسة الجمهورية" بصفته مواطنا عاديا وليس باعتبار أنه نجل الرئيس
وبين الأب الذى "لم يكن ينتوى" .. والابن الذى "كان ينوى" .. كانت هناك شهور قليلة فاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية نفسها .. ولكن أيا منهما لم يكن قد أعلن عن تلك النوايا وكأن مصر ستظل أسيرة نواياهما .. حتى اشتعلت الثورة وكانت نتيجتها أن تم حبس الاثنين .. الأب فى المستشفى .. والابن فى سجن طرة مع رفاق الفساد وخدمة السلطان وماسحى بلاط الرئاسة ومصاصى دماء الشعب. لم يكن الأب ولا الابن يريدان أن يعلنا تلك النوايا .. لأنهما باختصار لم يهتما يوما برد فعل الشعب ولا رأيه ولا موقفه ولا قراره ولا أصواته الانتخابية .. لكنهما أطلقا البهلوانات والمهرجين والكهنة .. يروجون الأكاذيب ويمارسون التضليل .. وها هو الكاهن "هامان الشريف" يقول إن مشروع التوريث لا وجود له الا فى عقول من يروجون له .. فيرد عليه الكاهن "على الدين هامان" .. بأن مبارك الأب سيكون هو مرشح الحزب الوطنى الذى كان حاكما فى الانتخابات الرئاسية القادمة .. هكذا تحدث الكهنة بينما الحقيقة أن الأب هو الذى "لم يكن ينتوى" .. وإن الابن هو الذى "كان ينوى". تلك واحدة من معضلات وآفات العصر الذى مضى .. إنه التضليل والكذب وإخفاء المعلومات المهمة عن الشعب .. وإطلاق الكذابين لخداعه .. وهو ما لن يسمح به الشعب مرة أخرى. إنه واحد من أهم ملامح الفساد السياسى الذى نحلم بأن نرى مرتكبيه يحاكمون بتهمة إفساد الحياة السياسية وتضليل الشعب .. أو على الأقل حرمانهم من المشاركة السياسية لسنوات طويلة قادمة حتى لا يدنسون التجربة الديمقراطية التى نأمل أن نصل اليها بقدرتهم على التلون والتحول وتغيير الجلد والمبادئ .. وحتى لا يهربون من العدل والعدالة ويستمتعون بثمن النفاق وعوائد الكذب فى قصورهم الفارهة وحدائقهم الغناء ومكاتبهم الفاخرة وهم ينفسون دخان سجائرهم الكوبية فى وجوهنا
أتمنى أن أرى يوما قريبا وفيه رجال من عينة "مفيد شهاب" و"على الدين هلال" و"عبد الأحد جمال الدين" و"أمال عثمان" و"محمد كمال" و"محمد الدكرورى" و"جهاد عودة" .. يدفعون ثمن تضحيتهم بقيمتهم الأكاديمية وتاريخهم الذى كان مشرفا يوما ما ومشاركتهم فى تضليلهم الشعب .. والترويج للدكتاتورية وتبرير القمع وتقنين البطش .. ولو بالتحقيق معهم ومسائلتهم .. حتى وإن انتهت تلك التحقيقات بعقوبة اللوم والتجريس .. أليس ذلك هو الحد الأدنى من العدل؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق