الثلاثاء، 17 مايو 2011

الرجل الذي انتبه لقوه الشعب المصري


مع نهايات القرن الثامن عشر كانت مصر محط نزاع بين المماليك والعثمانيين، والفرنسيين والإنجليز، وقد أغفل جميعهم قوة مؤثرة، وهى قوة الشعب المصرى، فيما انتبه لها رجل واحد فقط فعمل على التقرب منها والاستقواء بها، ولم يكن هذا الرجل سوى محمد على ذلك الجندى الألبانى الذى وفد إلى مصر فى القوة الألبانية التى كانت ضمن الجيش العثمانى، ولمن لا يعلم فإنه فى ١٤ يوليو جرت مواجهة حربية بين الفرنسيين والعثمانيين (معركة أبوقير البرية)، وكان محمد على بين صفوف العثمانيين الذين دحرهم نابليون، وقتل الكثيرين فيما قفز كثيرون منهم بأنفسهم فى البحر ليصلوا إلى الأسطول الإنجليزى، وكان ممن كادوا يغرقون محمد على وأنقذه الإنجليز، حيث قدر له أن يحكم مصر ويلعب أخطر دور فى تاريخها.
أما سيرته فتقول إنه ولد فى قولة وكان أبوه إبراهيم أغا، رئيس حرس الطريق، وكان له سبعة عشر ولدا لم يعش منهم إلا محمد على، ومات عنه وهو صغير ثم ماتت أمه فكفله عمه طوسون الذى مات بدوره، فكفله الشوربجى حاكم قولة وصديق والده وأدرجه فى الجندية، فأبدى شجاعة وبسالة وتفانياً، ثم زوّجه من سيدة غنية وأنجبت له إبراهيم وطوسون وإسماعيل (على اسم أبيه وعمه وراعيه)، وحين أرسلت الدولة العثمانية جيشاً إلى مصر لانتزاعها من الفرنسيين كان محمد على نائبا لرئيس الكتيبة الألبانية،
فلما عاد رئيسها لقولة صار هو قائدها، وفى ١٨٠٢ تولى خسرو باشا حكم مصر، وتآمر محمد على ورئيسه طاهر باشا أرناؤوط على خسرو، وأوعزا للجند بأن يطالبوا برواتبهم المتأخرة، وتطور الأمر إلى تمرد فضربهم خسرو بالمدافع من القلعة فاقتحم الألبان القلعة وهرب خسرو، ثم جاء على الجزايرلى والياً على مصر فى ١٨٠٤، ثم خورشيد باشا الذى اصطدم بمحمد على، واندلعت ثورة من الضباط والجند والشعب ضده، وتم عزل خورشيد باشا وتولية محمد على باشا فى مثل هذا اليوم ١٧ مايو ١٨٠٥ ليحقق طفرة حضارية فيها، فأنشأ المدارس فى كل التخصصات وأوفد البعثات التعليمية لأوروبا وأنشأ جيشاً قوياً، وفرض سيطرته على منابع النيل ودعم العمق الاستراتيجى لمصر ودحر الوهابيين، وفتح السودان، وأنشأ المطابع وحفر الترع وأقام القناطر وازدهرت الصناعة والزراعة وعبّد الطرقْ إلى أن توفى فى الثالث من أغسطس ١٨٤٩.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق