الخميس، 26 مايو 2011

مصانع المجرمين

عبدالوهاب عليوة

تواصل‮ »‬الوفد الأسبوعي‮« ‬كشف أهم بؤر صناعة المجرمين في‮ ‬مصر والتي‮ ‬تتركز‮ ‬غالبًا في‮ ‬المناطق العشوائية المحرومة من الخدمات والبعيدة عن أعين الأمن،‮ ‬والبداية مع عزبة أبو حشيش أو‮ »‬عزبة القرود سابقاً‮«‬،‮ ‬وهي‮ ‬منطقة منغلقة علي‮ ‬سكانها الذين ارتضوا الحياة فيها وتأقلموا معها،‮ ‬في‮ ‬المقابل‮ ‬يسيطر الخوف والرعب علي‮ ‬أي‮ ‬شخص ليس من أهلها إذا أراد الدخول إليها لأي‮ ‬سبب،‮ ‬فبمجرد الاقتراب من أزقتها الضيقة تشعر بالريبة فكل شيء هنا‮ ‬يدعو للشك والقلق ويبدو المكان فوق القانون،‮ ‬فالجريمة بكل تجلياتها تنتشر في‮ ‬وضح النهار‮ »‬مخدرات وبلطجة وسرقة وغيرها‮«. ‬علي‮ ‬بعد أمتار من محطة مترو‮ ‬غمرة تقع عزبة أبو حشيش أحد منابع البلطجة في‮ ‬القاهرة والتي‮ ‬يسكنها أكثر من‮ ‬5‮ ‬آلاف معظمهم‮ ‬يرفعون شعار الجنيه أولاً‮ ‬و أخيرًا،‮ ‬كما‮ ‬يقول أحدهم،‮ ‬فمن‮ ‬يدفع‮ ‬يحصل علي‮ ‬كل ما‮ ‬يتمناه مهما كانت النتائج،‮ ‬وحتي‮ ‬نستطيع كشف ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬الداخل كان لابد من التجول فيها،‮ ‬واخترنا مدخل السكة الحديد باعتباره سوق‮ ‬يسهل الدخول منه دون احتكاك من أحد،‮ ‬وفيه‮ ‬يتم بيع الروبابيكيا والأشياء المستعملة،‮ ‬وعلي‮ ‬بعد خطوات من السوق تستطيع الدخول إلي‮ ‬الازقة والحواري‮ ‬الضيقة،‮ ‬فهي‮ ‬تكاد تكون متلاصقة وأحيانا تضطر الي‮ ‬السير بجانبك لدخول هذه الحواري،‮ ‬وهنا لا‮ ‬يوجد مجال للحديث عن البنية التحتية فلا توجد شبكات صرف صحي‮ ‬ومياه الشرب‮ ‬غير نظيفة ان وجدت وما‮ ‬يقال عليه بيوت مجرد عشش مهدمة وآيلة للسقوط،‮ ‬لكنها ترتكز الي‮ ‬بعضها البعض،‮ ‬فبمجرد سقوط احدها،‮ ‬يسقط الباقي‮ ‬تباعا كحبات العقد المنفرط‮.‬ ويتحسر أحمد مسعد قائلا‮ »‬مش كفاية ان انا واولادي‮ ‬الخمسة نعيش في‮ ‬غرفة واحد،‮ ‬كمان المياه هتهدمها فوق رؤسنا‮« ‬ويسترسل أحمد نحن نعيش‮ ‬4‮ ‬أسر في‮ ‬4‮ ‬غرف في‮ ‬بيت واحد‮ ‬يقاوم الانهيار ووسيلة الخروج للشارع الرئيسي‮ ‬المشي‮ ‬علي‮ ‬الحجارة الملقاة وسط مياه المجاري،‮ ‬حاولت التحرك داخل أعماق العزبة بعد إخفاء الكاميرا فوجدت بيع المخدارات علي‮ ‬المقاهي‮ ‬ولف السجائر علي‮ ‬نواصي‮ ‬الشوارع امراً‮ ‬طبيعياً‮ ‬لا‮ ‬يثير انتباه اهالي‮ ‬المنطقة،‮ ‬ويوضح سالم فتحي‮ ‬بابتسامة ساخرة‮: ‬هذه الفئة من السكان‮ » ‬يقصد تجار المخدرات والبلطجية وصانعوا الألعاب النارية‮« ‬لايريدون‮ ‬تطوير المنطقة،‮ ‬فهذا الوضع‮ ‬يحقق لهم مصالحهم المجرمة قانونا ولا تستطيع الشرطة ملاحقتهم،‮ ‬ويضيف منفعلا‮: ‬العزبة أصبحت تكتظ بالبلطجية واصبح من المعتاد حدوث مشاجرات‮ ‬يستخدم فيها كل أنواع السلاح،‮ ‬من المواقف الطريقة التي‮ ‬يحكيها هاني‮ ‬السيد في‮ ‬أحد الايام وقعت مشاجرة كبيرة علي‮ ‬أحد المقاهي‮ ‬وبالصدفة دخلت جنازة عن طريق الخطأ إلي‮ ‬العزبة فتوقفت الخناقة وافسحوا الطريق للجنازة وبعد عبور الجنازة استكملوا الخناقة‮.‬
وتنقسم العزبة إلي‮ ‬أربع مناطق رئيسية هي‮ ‬السكة الحديد والمنشية والمدارس والغجر،‮ ‬تشترك جميعها في‮ ‬بيع المخدرات والبلطجة ولكنها تنقسم في‮ ‬أنشطة أخري‮ ‬فشارع السكة الحديد هو سوق بيع الخردة،‮ ‬بينما المدارس والمنشية تجد فيها مصانع البمب والالعاب النارية العشوائية التي‮ ‬تنتشر بصورة كبيرة والتي‮ ‬زاد نشاطها مع الفراغ‮ ‬الأمني‮ ‬الذي‮ ‬حدث بعد الثورة،‮ ‬وأخيرا الغجر وهي‮ ‬المنطقة الاشد خطورة وتكتظ بالهنجرانية الذين‮ » ‬يسرقون الكحل من العين‮« ‬كما‮ ‬يصفهم فتحي‮ ‬أحد سكان العزبة قائلا ان لهم طقوساً‮ ‬وعادات خاصة بهم فهم‮ ‬يتزوجون من بعضهم ويحدد مهر العروسة علي‮ ‬مدي‮ ‬قدرتها علي‮ ‬السرقة والمرأة هي‮ ‬التي‮ ‬تقوم بالسرقة بينما الرجل‮ ‬يمتهن البلطجة وان كانت هناك بعض التغيرات التي‮ ‬بدأت تظهر عليهم‮.‬
ننتقل إلي‮ ‬منطقة بطن البقر التي‮ ‬تظنها من الخارج امتداداً‮ ‬لمدينة الفسطاط القديمة،‮ ‬فأشكال الفخار الرائعة ذات الألوان الجذابة الموجودة امهامها تعطيك انطباعاً‮ ‬بالروعة والجمال‮ ‬يزول فوراً‮ ‬بمجرد النظر إلي‮ ‬خلف هذه التحف،‮ ‬حيث ستجد بوفيهاً‮ ‬مفتوحاً‮ ‬لبيع المخدرات عبارة عن ترابيزة صغيرة‮ ‬يلتف حولها‮ ‬5‮ ‬افراد‮ ‬يضعون جميع انواع المخدرات عليها من برشام وحقن مكس وحشيش وبانجو ويحملون السلاح تحسب لأي‮ ‬ظرف طارئ وكل ذلك‮ ‬يتم في‮ ‬الثانية عشرة ظهرا،‮ ‬ولكي‮ ‬تدرك حجم الكارثة لابد أن تسير داخل المنطقة قليلا حيث بشر‮ ‬يعيشون بلا أدني‮ ‬مقومات للحياة،‮ ‬مظهرهم محزن وعيونهم خائفة تترقب المصريا المجهول،‮ ‬يعيشون في‮ ‬غرفة آيلة للسقوط أو اسطبل‮ ‬يجتمع فيه البشر والحيوانات،‮ ‬من الطبيعي‮ ‬أن تجد دواليب المخدرات منتشرة في‮ ‬معظم الشوارع أو مداخل العشش التي‮ ‬يعيشون فيها،‮ ‬فسكانها تأقلموا مع الخطر ويعمل معظم سكانها الذين لا‮ ‬يتجاوزون‮ ‬3000‮ ‬أسرة في‮ ‬جمع القمامة وصناعة الفخار،‮ ‬بينما‮ ‬يعمل معظم شبابها في‮ ‬تجارة المخدرات من خلال الدواليب المنتشرة في‮ ‬المنطقة،‮ ‬يمارسون عمليات النصب علي‮ ‬الزبائن الجدد الذين‮ ‬يقبلون علي‮ ‬الشراء لأول مرة ويقول أبو رجب من سكان المنطقة إن أهالي‮ ‬المنطقة البسطاء‮ ‬يسعون لتربية أبنائهم ولكن الذي‮ ‬يشوه المنطقة البلطجية وتجارة المخدرات‮.‬
يقع في‮ ‬نهاية المنطقة معسكر مهجور تابع لإحدي‮ ‬الجهات السيادية تحول إلي‮ ‬مملكة خاصة لتجارة المخدرات واللصوص ومقر دائم للبلطجية الذين‮ ‬يمارسون كل أنواع الرذائل ولا‮ ‬يستطيع أحد ان‮ ‬يعكر صفوهم فحتي‮ ‬الشرطة لا تستطيع ان تصل إليهم بسبب صعوبة التحرك في‮ ‬المنطقة بالسيارة


اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية مصانع إنتاج المجرمين في‮ ‬مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق