عبدالوهاب عليوة
تواصل »الوفد الأسبوعي« كشف أهم بؤر صناعة المجرمين في مصر والتي تتركز غالبًا في المناطق العشوائية المحرومة من الخدمات والبعيدة عن أعين الأمن، والبداية مع عزبة أبو حشيش أو »عزبة القرود سابقاً«، وهي منطقة منغلقة علي سكانها الذين ارتضوا الحياة فيها وتأقلموا معها، في المقابل يسيطر الخوف والرعب علي أي شخص ليس من أهلها إذا أراد الدخول إليها لأي سبب، فبمجرد الاقتراب من أزقتها الضيقة تشعر بالريبة فكل شيء هنا يدعو للشك والقلق ويبدو المكان فوق القانون، فالجريمة بكل تجلياتها تنتشر في وضح النهار »مخدرات وبلطجة وسرقة وغيرها«. علي بعد أمتار من محطة مترو غمرة تقع عزبة أبو حشيش أحد منابع البلطجة في القاهرة والتي يسكنها أكثر من 5 آلاف معظمهم يرفعون شعار الجنيه أولاً و أخيرًا، كما يقول أحدهم، فمن يدفع يحصل علي كل ما يتمناه مهما كانت النتائج، وحتي نستطيع كشف ما يجري في الداخل كان لابد من التجول فيها، واخترنا مدخل السكة الحديد باعتباره سوق يسهل الدخول منه دون احتكاك من أحد، وفيه يتم بيع الروبابيكيا والأشياء المستعملة، وعلي بعد خطوات من السوق تستطيع الدخول إلي الازقة والحواري الضيقة، فهي تكاد تكون متلاصقة وأحيانا تضطر الي السير بجانبك لدخول هذه الحواري، وهنا لا يوجد مجال للحديث عن البنية التحتية فلا توجد شبكات صرف صحي ومياه الشرب غير نظيفة ان وجدت وما يقال عليه بيوت مجرد عشش مهدمة وآيلة للسقوط، لكنها ترتكز الي بعضها البعض، فبمجرد سقوط احدها، يسقط الباقي تباعا كحبات العقد المنفرط. ويتحسر أحمد مسعد قائلا »مش كفاية ان انا واولادي الخمسة نعيش في غرفة واحد، كمان المياه هتهدمها فوق رؤسنا« ويسترسل أحمد نحن نعيش 4 أسر في 4 غرف في بيت واحد يقاوم الانهيار ووسيلة الخروج للشارع الرئيسي المشي علي الحجارة الملقاة وسط مياه المجاري، حاولت التحرك داخل أعماق العزبة بعد إخفاء الكاميرا فوجدت بيع المخدارات علي المقاهي ولف السجائر علي نواصي الشوارع امراً طبيعياً لا يثير انتباه اهالي المنطقة، ويوضح سالم فتحي بابتسامة ساخرة: هذه الفئة من السكان » يقصد تجار المخدرات والبلطجية وصانعوا الألعاب النارية« لايريدون تطوير المنطقة، فهذا الوضع يحقق لهم مصالحهم المجرمة قانونا ولا تستطيع الشرطة ملاحقتهم، ويضيف منفعلا: العزبة أصبحت تكتظ بالبلطجية واصبح من المعتاد حدوث مشاجرات يستخدم فيها كل أنواع السلاح، من المواقف الطريقة التي يحكيها هاني السيد في أحد الايام وقعت مشاجرة كبيرة علي أحد المقاهي وبالصدفة دخلت جنازة عن طريق الخطأ إلي العزبة فتوقفت الخناقة وافسحوا الطريق للجنازة وبعد عبور الجنازة استكملوا الخناقة.
وتنقسم العزبة إلي أربع مناطق رئيسية هي السكة الحديد والمنشية والمدارس والغجر، تشترك جميعها في بيع المخدرات والبلطجة ولكنها تنقسم في أنشطة أخري فشارع السكة الحديد هو سوق بيع الخردة، بينما المدارس والمنشية تجد فيها مصانع البمب والالعاب النارية العشوائية التي تنتشر بصورة كبيرة والتي زاد نشاطها مع الفراغ الأمني الذي حدث بعد الثورة، وأخيرا الغجر وهي المنطقة الاشد خطورة وتكتظ بالهنجرانية الذين » يسرقون الكحل من العين« كما يصفهم فتحي أحد سكان العزبة قائلا ان لهم طقوساً وعادات خاصة بهم فهم يتزوجون من بعضهم ويحدد مهر العروسة علي مدي قدرتها علي السرقة والمرأة هي التي تقوم بالسرقة بينما الرجل يمتهن البلطجة وان كانت هناك بعض التغيرات التي بدأت تظهر عليهم.
ننتقل إلي منطقة بطن البقر التي تظنها من الخارج امتداداً لمدينة الفسطاط القديمة، فأشكال الفخار الرائعة ذات الألوان الجذابة الموجودة امهامها تعطيك انطباعاً بالروعة والجمال يزول فوراً بمجرد النظر إلي خلف هذه التحف، حيث ستجد بوفيهاً مفتوحاً لبيع المخدرات عبارة عن ترابيزة صغيرة يلتف حولها 5 افراد يضعون جميع انواع المخدرات عليها من برشام وحقن مكس وحشيش وبانجو ويحملون السلاح تحسب لأي ظرف طارئ وكل ذلك يتم في الثانية عشرة ظهرا، ولكي تدرك حجم الكارثة لابد أن تسير داخل المنطقة قليلا حيث بشر يعيشون بلا أدني مقومات للحياة، مظهرهم محزن وعيونهم خائفة تترقب المصريا المجهول، يعيشون في غرفة آيلة للسقوط أو اسطبل يجتمع فيه البشر والحيوانات، من الطبيعي أن تجد دواليب المخدرات منتشرة في معظم الشوارع أو مداخل العشش التي يعيشون فيها، فسكانها تأقلموا مع الخطر ويعمل معظم سكانها الذين لا يتجاوزون 3000 أسرة في جمع القمامة وصناعة الفخار، بينما يعمل معظم شبابها في تجارة المخدرات من خلال الدواليب المنتشرة في المنطقة، يمارسون عمليات النصب علي الزبائن الجدد الذين يقبلون علي الشراء لأول مرة ويقول أبو رجب من سكان المنطقة إن أهالي المنطقة البسطاء يسعون لتربية أبنائهم ولكن الذي يشوه المنطقة البلطجية وتجارة المخدرات.
يقع في نهاية المنطقة معسكر مهجور تابع لإحدي الجهات السيادية تحول إلي مملكة خاصة لتجارة المخدرات واللصوص ومقر دائم للبلطجية الذين يمارسون كل أنواع الرذائل ولا يستطيع أحد ان يعكر صفوهم فحتي الشرطة لا تستطيع ان تصل إليهم بسبب صعوبة التحرك في المنطقة بالسيارة
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية مصانع إنتاج المجرمين في مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق